الرئيسة \  دراسات  \  اتفاقية الخيانة والعار .. إعلان الروس عن عقد شرائهم سورية قبيل موعد المفاوضات .. الدلالات !!

اتفاقية الخيانة والعار .. إعلان الروس عن عقد شرائهم سورية قبيل موعد المفاوضات .. الدلالات !!

23.01.2016
زهير سالم





لقد كان مفاجئا للرأي العام العالمي والإقليمي والسوري ما بادر الروس منفردين إلى الإعلان عنه من عقد (البيع والشراء ) الموقع بينهم وبين بشار الأسد . وأن يبادر الروس إلى الإعلان عن العقد بعد توقيعه بخمسة أشهر تقريبا ، وقبيل الموعد المعلن عنه للمفاوضات بين المعارضة السورية – ونظام بشار .
امتناع نظام بشار الأسد عن الإعلان أولا ، وعن التعليق ثانيا هو بحد ذاته ذو دلالة بالغة . الحكومة الروسية هي الطرف وهو الطرف المستفيد والذي أراد أن يثبت مكاسبه سواء أمام السوريين الذين يستعدون للدخول في شراكة مع حكومة الأسد ليستحضروا أن لهم شريكا روسيا ثالثا في أي صفقة يعلنونها . أو أمام الإيرانيين المنافسين الأساسين في البقرة السورية لكي يكونوا على بينة بما وقعه بشار الأسد من خلف ظهورهم ربما .
إن غياب المعارضة السورية – في رأينا – عن تسجيل موقف صريح وواضح من (الاتفاقية الجريمة) يدلل على نوع من عدم الاكتراث بما يدبر لسورية الوطن والإنسان . إن الاتفاقية الجريمة تستحق مواقف صارمة من كل القوى السياسية الحية في سورية ، كما يستحق إلى دراسة خبراء في القانون الدولي ، وإلى أن يبادر ممثلو المعارضة السورية إلى رفع دعوى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لكف يد الأسد المأفون في العبث بمقدرات الدولة السورية .
إن الذي لا يجوز أن يغيب عن المشهد أن ( الحكومة الروسية ) لا يمكن أن تكون (خصما وحكما ) في الوقت نفسه . وهذا ما غاب عن العقل السياسي للمعارضة المشكلة التي ما زالت تقبل بالحكومة الروسية كوسيط، فلم تكرسها حتى الآن كحكومة عدو شريكة في كل الجرائم والمصائب التي تنفذ على الشعب السورية .
إن إقدام الحكومة الروسية على استغلال الظرف المنهار ( لرئيس مهزوز) وابتزازه بتوقيع اتفاقية إذعان كالتي كشف عنها الروس أنفسهم كاف بحد ذاته لإعلان الروس دولة عدوا من كل قوى المجتمع السوري.
تحدث الكثيرون منذ بدء عمليات القصف الروسية للأراضي السورية ، وبعد تحول مطار حميميم إلى قاعدة جوية روسية في الداخل السوري عن ( احتلال روسي ) في سورية ولكن ما كرسته هذه الاتفاقية الأسوأ هو أكثر شناعة وبشاعة من احتلال . إن قوات الاحتلال تبقى دائما محكومة بقرارات دولية ، تحملها المسئولية وتنيط بها المسئوليات ؛ ولكن العقد الذي وقعه بشار الأسد ، باسم الحكومة السورية مع الأسف ، أعفى الشريك في جريمة الحرب التي تنفذ على الشعب السوري من كل مسئولية قانونية أو أخلاقية أو إنسانية ...!!
واعتمد (العقد الخيانة ) في مدخل تمهيدي على اتفاقية الصداقة والتعاون الذي سبق لحافظ الأسد أن وقعها مع الاتحاد السوفياتي في 8 / 10 / 1980 في زيارة خاصة قام بها في ذلك الوقت . نذكر يومها أن الثورة الشعبية في سورية كانت تهز كرسي الدكتاتورية بشدة . كما اعتمد (العقد الخيانة ) على اتفاقية وزارتي الدفاع ( الروسية – السورية ) الموقعة في 7 / 7 / 1994 إن هذه الإشارات بحد ذاتها كافية لتؤكد أن صداقة الروس ومن قبلهم السوفييت لم تكن أبدا مع الشعب الروسي ، بل كانت مع المستبد الحاكم ضد الشعب السوري . وهذا ما تؤكد عليه الاتفاقية العتيدة إن وجود القوات الروسية على الأرض السورية لن يوجه ضد ( أي قوة خارجية ) إنه وجود مكرس ضد الشعب السوري فقط .
وقع ( العقد الخيانة ) بين الطرفين في 26 / 8 / 2015 وطلب بشار الأسد إلى موسكو ليوقعه في حضرة بوتين في 20 / 10 / 2015 ...
إن كل ما يعلق عليه المعلقون ، ويكتب حوله الكاتبون من عار هذا العقد ، وانعكاساته الخطيرة على سورية الدولة والسيادة والوطن والإنسان ينصب فقط على البنود الاثني عشر التي بادرت الحكومة الروسية إلى الإعلان عنها ، ولكن هل هناك بنود أخرى؟! ما هي طبيعة البروتوكولات الملحقة التي ذكرت في البنود نفسها ؟! هل للاتفاقية ملحقات سرية أخرى كل هذه الأسئلة الخطيرة تتطلب من كل الحريصين على سورية الدولة والوطن والإنسان المسارعة إلى بذل الجهد الجماعي لتحديد موقف رافض لهذا الاتفاق أولا ولإلغائه وقطع الطريق على مخرجاته بالاستفادة من الخبراء الدوليين والمحاكم الدولية على حد سواء ...
لقد كشف الروس في بنود الاتفاق عن اثني عشر بابا تضمنت أمورا خطيرة كلها تنتهك في سورية الدولة والوطن والإنسان . وتعطي الروس حق السيادة الكاملة على الأرض السورية ، وتجعل وثائقهم الروسية وثائق معمول بها هناك . وتعفيهم من أي مسئولية قانونية أو إنسانية ، وتمنحهم الحق ليس فقط في الدخول والخروج والتحرك بل وفي إدخال وإخراج كل ما ومن يشاؤون من وإلى الأراضي السورية . ويحتفظ الروس لأنفسهم بحق الوجود المفتوح على الأرض السورية غير المؤقت بوقت أو بمهمة . يحتفظ الروس لأنفسهم بموجب هذا العقد العار بكل الحقوق وأعفوا أنفسهم من كل المسئوليات ومنحوا مقاتليهم قيادة وأفرادا حصانة مطلقة وأعفوهم من كل مسئولية قانونية محليه أو دولية .
لقد جاء العقد الخياني ، في سبع صفحات موقع بتاريخ 26 أغسطس/آب 2015 ، أعطي «بشار الأسد» بموجبه للروس الحق في نشر قواتهم في القواعد العسكرية والمدن، وحمى روسية حكومة وقوات من المحاكمة في حالة القيام بجرائم حرب، مقابل حمايتهم لحكمه وقيامهم بضربات جوية تشارك في كسر إرادة الشعب السوري .
 وتضمن العقد الخيانة بندا يتعلق ببقاء القوات الروسية، في سوريا، مدة مفتوحة غير محددة، وفي حالة طلب أي طرف إلغاء الاتفاقية، فإن عليه إخطار الطرف الآخر قبل عام من تاريخ الإلغاء المفترض.
وبحسب العقد الخيانة ، يمكن للعسكريين الروس وأي شحنات يشحنون أن تمر داخل وخارج الأرض السورية دون أن تخضع لأي ضوابط من قبل السلطات السورية.
 كما أنه لا يمكن للسوريين – عسكريين أو مدنيين قادة ومسئولين - أن يدخلوا القواعد العسكرية الروسية دون إذن مسبق من القيادة الروسية نفسها
 ويتضمن العقد الخيانة أيضا إعفاء (الحكومة السورية) للروس من جرائم الحرب التي يرتكبونها في سوريا أسوة بالاتفاقات الأمريكية التي وقعت مع حكومة العراق عقب الغزو الأمريكي للعراق، حيث تنص الاتفاقية على أن «الروس لا يتحملون أي مسؤولية عن الأضرار الناجمة عن تدخلهم في سوريا . ولتوضيح الدلالة القانونية فإن مصطلح (الحكومة السورية) ينطبق على كل حكومة سورية قائمة أو يمكن أن تقوم . فالاتفاقات ذات الطبيعة الدولية لا تتأثر بتغير الحكومات.
كما ينص العقد الخياني على أن «المجموعات الجوية الروسية لديها حصانة كاملة من أي ملاحقات مدنية أو إدارية تنص عليها القوانين السورية»، ما يعني حمايتهم من أي اتهامات بجرائم حرب أو أي ملاحقات من نوع آخر أو أي جرائم أو جنايات فردية يمكن أن يرتكبوها ضد أبناء الشعب السوري . بل إن العقد ينص على شمول كل أفراد القوات الجوية الروسية وعائلاتهم بحصانة كاملة وامتيازات مطابقة لتلك التي تمنح لممثلي البعثات الدبلوماسية وأفراد عائلاتهم وفقا لمعاهدة فيينا حول العلاقات الدبلوماسية الموقعة في 18 إبريل/نيسان 1961.
كما تتعهد الحكومة السورية، بموجب الاتفاقية، بألا تتقدم «بأي شكاوى أو مطالبات ضد روسيا الاتحادية أو المجموعات الجوية الروسية أو أفراد وحداتها ولا تقيم أي ملاحقات تتعلق بنشاط المجموعات الجوية أو طواقم أفرادها»، وذلك تحسبا لمطالبة أي حكومة في المستقبل بملاحقة الروس عن جرائم الحرب في سوريا.
 
نعلن نحن أبناء الحركة الإسلامية في سورية ...
أولا – نعتبر الاتفاقية الموصوفة في هذا المقام والتي وقعها الأسد أو أي طرف من أطراف حكومته مع الحكومة الروسية في 26 / 8 / 2015 ، اتفاقية خيانة مطلقة ، نرفضها ونرفض أي توقيع أو التزام وقع عليه بشأنها الخائن بشار الأسد في زيارته لموسكو في 20 تشرين الأول 2015 .
ثانيا – نشجب وندين اتفاقية الخيانة وعقد العار ونحمل بشار الأسد ، والمتحالفين معه ، والصامتين عليه المسئولية التاريخية الكاملة عن تداعيات هذه الاتفاقية وانعكاساتها على سيادة سورية وأمنها ووحدتها وأمن وسلامة كل سكانها ...
ثالثا – ندعو كافة قوى وقيادات المعارضة السورية إلى التكاتف أولا لنقد هذه الاتفاقية الخطيرة وبيان مخالفتها لروح الدستور السوري ومواده وافتقارها إلى أبسط المعايير الدستورية والقانونية ..كما ندعو إلى العمل على إسقاط هذه الاتفاقية بكل الوسائل والأساليب السياسية والقانونية ، والاستعانة بالمحاكم الدولية لوضع حد لعبث بشار الخائن المهزوز بمقدرات الدولة السورية ومصيرها ..
رابعا – ندعو إلى رفض الاشتراك بأي مفاوضات قادمة بوساطة روسية، وإفهام الحكومة الروسية أنها لا يمكن أن تستمر في لعب دور الخصم والحكم مع الشعب السوري . ومطالبتهم الصريحة بالتوقف عن استغلال الوضع المهزوز لهذا الشخص المنهار في تكبيل الدولة السورية بمزيد من القيود ...
خامسا – أن تعلن كافة قوى المعارضة رفض كافة العقود والاتفاقيات التي يوقعها النظام المهزوز مع أي طرف دولي وعلى رأسها روسية وسورية ، وأن تستعين لإقرار ذلك بالمحاكم الدولية ...
أيها السوريون الأحرار إن الموقف كلمة ولكنه رجولة وتاريخ فلا تنكصوا عنها ...
 
لندن : 12 / ربيع الآخر
22 / 1 / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk